الذهب الأردني: ثروة كامنة يجب استغلالها الآن

{title}
أخبار الأردن -

 

المهندس رائد الصعوب

مع تزايد الشراهة العالمية لاقتناء الذهب، ومع ارتفاع أسعاره بشكل غير مسبوق، يُطرح سؤال مهم: هل يمكن للأردن أن يكون له دور في هذا السوق العالمي المتنامي؟ في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتغيرة، أصبح من الضروري إعادة النظر في مواردنا الوطنية واستغلالها بالشكل الأمثل. والذهب، أحد المعادن الأكثر قيمة وتقديرًا على مر العصور، يمكن أن يكون مفتاحًا مهمًا لتحقيق هذا الهدف.

### الاحتياطيات الحالية والتكوينات الجيولوجية الواعدة

من الناحية التاريخية، لم يكن الأردن من بين الدول الرائدة في إنتاج الذهب على مستوى العالم. ومع ذلك، فإن الطبيعة الجيولوجية للأردن، وخاصة وقوعه على الدرع العربي النوبي، يشير إلى وجود إمكانيات كبيرة لاكتشاف رواسب ذهبية مهمة. يُعتبر الدرع العربي النوبي منطقة غنية بالموارد المعدنية، وقد أثبتت الدراسات أن الدول المجاورة مثل السعودية ومصر استطاعت أن تستغل هذه الموارد بشكل فعّال لتحقيق فوائد اقتصادية هائلة.

الأردن يمتلك نفس البنية الجيولوجية، خاصة في المناطق الجنوبية مثل وادي عربة ومنطقة العقبة. هذه المناطق تظهر إمكانيات واعدة بوجود الذهب بناءً على التركيب الجيولوجي والتاريخ المعدني لهذه المناطق. وادي عربة على سبيل المثال، شهد عمليات تعدين حرفية تاريخية تشير إلى وجود رواسب محتملة من الذهب يمكن استكشافها بشكل أعمق باستخدام التقنيات الحديثة.

### المناطق الرئيسية وتقديرات الاحتياطيات

1. وادي عربة: تعتبر هذه المنطقة من أكثر المناطق الواعدة في الأردن لاكتشاف الذهب. الدراسات الجيولوجية تشير إلى وجود تراكيب صخرية تحتوي على معادن ثمينة، بما في ذلك الذهب. ويمكن أن يكشف الاستكشاف المستقبلي عن احتياطيات كبيرة تصل إلى عدة ملايين من الأطنان من الخام، مما يمكن أن يحقق عوائد اقتصادية كبيرة للبلاد.

2. منطقة العقبة: تقع هذه المنطقة بالقرب من الحدود مع السعودية، وتتمتع بتكوينات جيولوجية مشابهة لتلك الموجودة في المناطق الغنية بالذهب في شبه الجزيرة العربية. هذا يجعل منطقة العقبة موقعًا مثاليًا للاستثمار في عمليات استكشاف جديدة يمكن أن تؤدي إلى اكتشافات هامة.

3. محمية ضانا: رغم أنها منطقة محمية طبيعية، إلا أن الدراسات الجيولوجية تشير إلى إمكانية وجود رواسب من الذهب في هذه المنطقة. يمكن أن يكون للتنقيب في هذه المنطقة تأثير بيئي كبير، مما يستدعي إجراء دراسة شاملة لتقييم الأثر البيئي وضمان أن عمليات التعدين ستتم بشكل مستدام.

### الأرقام والتوقعات المستقبلية

وفقًا لدراسات حديثة أجرتها هيئة المساحة الجيولوجية الأردنية، فإن احتياطيات الذهب في الأردن قد تصل إلى مئات الآلاف من الأطنان من الخام في المناطق المذكورة. ومع التطور التكنولوجي وزيادة دقة الأدوات المستخدمة في الاستكشاف، من الممكن أن يتضاعف هذا الرقم بشكل كبير. بالنظر إلى الأسعار الحالية للذهب، فإن كل طن من الخام يحتوي على عدة جرامات من الذهب يمكن أن يمثل قيمة اقتصادية تتجاوز الآلاف من الدولارات.

تُشير التقديرات أيضًا إلى أن استغلال هذه الاحتياطيات يمكن أن يضيف مليارات الدولارات إلى الناتج المحلي الإجمالي للأردن، مما يعزز من استقرار الاقتصاد الوطني ويخلق فرص عمل جديدة للآلاف من الأردنيين.

### الاستثمارات المطلوبة والإطار التنظيمي

للاستفادة من هذه الثروة الكامنة، يجب على الأردن اتخاذ خطوات حاسمة لفتح باب الاستثمارات في هذا القطاع. أولًا، يجب زيادة الاستثمار في المسوحات الجيولوجية والأنشطة الاستكشافية. التقنيات المتقدمة مثل الاستشعار عن بعد والتحليل الجيوفيزيائي يمكن أن تكون أدوات فعّالة في تحديد مواقع الذهب المحتملة بدقة أكبر.

ثانيًا، ينبغي تطوير إطار تنظيمي جاذب ومشجع للاستثمار في قطاع التعدين. هذا يشمل تقديم حوافز للمستثمرين وتسهيل الإجراءات القانونية لضمان أن البيئة القانونية تدعم عمليات التعدين الكبيرة. الأردن يمكن أن يتعلم من تجارب الدول المجاورة في هذا المجال لتطوير نموذج ناجح يستفيد منه الاقتصاد الوطني.

ثالثًا، يجب أن تكون عمليات التعدين مستدامة وتراعي الأثر البيئي. هناك حاجة ماسة إلى استخدام تقنيات التعدين الخضراء وتقليل الأثر البيئي لضمان أن الاستغلال الاقتصادي للموارد لا يأتي على حساب البيئة والصحة العامة.

### الفرصة الذهبية أمام الأردن

في الوقت الذي يشهد فيه العالم طلبًا متزايدًا على الذهب، يمكن أن يكون الأردن في وضع استراتيجي لاستغلال هذه الفرصة. الاستثمار في هذا القطاع يمكن أن يكون مفتاحًا لتنويع الاقتصاد الأردني بعيدًا عن الاعتماد على الصناعات التقليدية والموارد المحدودة. إن تطوير قطاع تعدين الذهب يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الإيرادات الوطنية، وزيادة الاحتياطيات من العملة الصعبة.

بالتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا، ينبغي على الأردن أن يعيد التفكير في استراتيجيته تجاه موارده الطبيعية. لقد حان الوقت للاستفادة من الثروة المعدنية الكامنة في باطن أرض الأردن وتحويلها إلى ثروة اقتصادية تساهم في تحسين مستوى الحياة لجميع الأردنيين.

### التعاون الإقليمي والدولي

يمكن للأردن أن يستفيد من الخبرات الإقليمية والدولية في هذا المجال. التعاون مع دول مثل السعودية ومصر التي حققت نجاحات كبيرة في قطاع تعدين الذهب يمكن أن يوفر للأردن الخبرة والدعم التقني اللازم لتحقيق النجاح. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون الشراكات مع شركات التعدين العالمية وسيلة فعّالة لجذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا الحديثة إلى الأردن.

### الخلاصة

الأردن يقف على أعتاب فرصة ذهبية لتعزيز اقتصاده من خلال استغلال ثرواته المعدنية، خاصة الذهب. في ضوء الشراهة العالمية المتزايدة على الذهب، يجب على الأردن أن يتخذ خطوات جادة لاستكشاف وتطوير احتياطياته من هذا المعدن الثمين. الاستثمار في قطاع تعدين الذهب يمكن أن يكون له تأثير كبير على الاقتصاد الوطني، من خلال خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإيرادات.

بما أن الأسعار العالمية للذهب تستمر في الارتفاع، فإن الوقت الحالي هو الأمثل لاتخاذ خطوات جادة نحو استكشاف وتطوير هذا القطاع الحيوي. الأردن لديه الإمكانات ليصبح لاعبًا رئيسيًا في صناعة الذهب العالمية، إذا تم استغلال هذه الفرصة بحكمة.

م. رائد الصعوب - الأمين العام السابق للإتحاد العربي للأسمدة؛ وبتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير